الأولاد والتوكل على الله

يبدأ الإنسان حياته ضعيفًا لا طاقة له بشيء ولا قدرة له عليه, فهو ضعيف جسمًا, ضعيف إرادة, ضعيف عقلًا وفكرًا, فإذا بعناية الله تعالى تحوطه من كل جهة, وتمده بأسباب المعونة في نفسه وفيمن حوله؛ حتى يمكنه فيما بعد الاعتماد على نفسه, والاستغناء عن غيره.



والله تعالى يذكرنا بهذه البداية وما تلاها من إمداده لنا بالقوة والقدرة حتى نستطيع أن نباشر حياتنا.

يقول رب العزة: {وَاللَّهُ أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}(النحل:78).ويقول سبحانه: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ}(الروم:54).

والشاعر يقول في تذكير الإنسان بهذه المعاني:

وقد أُنبت كالزرع ابتداء               وما تدري لطعم أو سقاء

فحصَلْت القُوى من فضل ربي       وصرت من الرجال الأقوياء

وقد علمتنا السنة المطهرة أن نتوجه إلى الله تعالى دائمًا بأن يحفظ لنا قوة أبداننا, وأن يمتعنا بها في حياتنا حتى نلقاه, فقد روى الترمذي بسند حسن عن ابن عمر رَضِيَ الله عَنْهُمَا قال:

 "قلما كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقوم من مجلس حتى يدعو بهؤلاء الدعوات لأصحابه: " اللَّهُمَّ اقْسِمْ لَنَا مِنْ خَشْيَتِكَ مَا يَحُولُ بَيْنَنَا وَبَيْنَ مَعَاصِيكَ وَمِنْ طَاعَتِكَ مَا تُبَلِّغُنَا بِهِ جَنَّتَكَ وَمِنْ الْيَقِينِ مَا تُهَوِّنُ بِهِ عَلَيْنَا مُصِيبَاتِ الدُّنْيَا وَمَتِّعْنَا بِأَسْمَاعِنَا وَأَبْصَارِنَا وَقُوَّتِنَا مَا أَحْيَيْتَنَا وَاجْعَلْهُ الْوَارِثَ مِنَّا.. إلخ". 

ومعنى قوله: "وَاجْعَلْهُ الْوَارِثَ مِنَّا" أي اجعلنا نتمتع بها حتى آخر لحظة في حياتنا, فكأنها هي التي ترثنا, ولا نفقد شيئًا منها في حياتنا.